* غربة الحياة *

بسم الله الرحمن الرحيم

أظل وسط الدروب كشريدٍ تبحث عن مأوى كغريقٍ يبحث عن قشة أمل تنجيه من الموت

كمحتضٍ يترقب الموت بين فينة وفينة .

أدخل عبر بوابة الزمن لأتطلع إلى هذا العالم المصغر ، وأجول داخل فصوله وأشهره

وأيامه،فأرى حقولا خضراء يانعه ، وأرى أشجارا يابسة الأغصان منكسرة.. متهشمة

الأوراق مصفرة.. ومخلفات رماد بيت محترق وبئر مهجورة وينابيع جافة.. وبيت يعمر

بالكفاح والصبر والجهاد.. وخليطا من البشر يرتدون شتى الألوان مابين أبيض وأسود

وأخضر وأصفر ووجوها مختلفة وأنفسا مختلفة الجلود ظاهرة للأعين والقلوب تخفي

مشاعر لايعلمها إلا الله.. أسير غريبة بينهم أتردد في أول اللحظات وأجدني بينهم أعيش في

وسطهم .. آكل مما يأكلون وأشرب مما يشربون وأسمع مايتحدثون به .. أرى تصرفاتهم

فتذهلني.. تهدي لساني رجفة جعلته يتعلم كيف يصمت ويتقن لغة الأخرس.. ومن بين هؤلاء

وجدت صخرا أستريح عليه وجدارا أتكئ عليه.. فإذا بصوت طير يشاركني الوحدة والغربة

بين هؤلاء البشر الذين هم خليط من :

( الأهل والأصحاب والأقارب والجيران و الأحبة )

فرددت عليه قائل :

ياطير كم أنت غريب ويا طير كم أنا غريب

أنت غريب عن البشر وأنا غريب بين البشر

فقال: لم تشعر بهذا وهناك من يشاركك المشاعر والمأكل والمشرب ......

أحسست بغصة تحرقني .. فقلت: وبماذا تشعر إذن حين ترى الصدق يهجر القلوب، والنفاق

يعيث في النفوس خرابا ! والحب يصبح اكذوبة ,,, بماذا تشعر حين ترى بني الإسلام

وبناته شرعوا في قتل المعاني

السامية والمشاعر الإنسانية تحت ضغط جحيم الحضارة والمادية ؟ ماذا ترى بعد أن غدا

الإسلام غريبا عنا، وأصبحنا غرباء عنه لايطبق الكثير من أحكامه..

لم أسمع منه تعليقا .. لأنه خفق بجناحيه وهرب لعجزه التام عن إيجاد جواب لأحدها

فهل تستطيع أنت ذلك ؟؟

***** غربة الحياة *****

* غربة الحياة *