أيها الإخوة، حتى يتكامل طرح هذا الموضوع لا بد من الإشارة إلى شبهة تعرض على كثير من المسلمين لاسيما في هذه البلاد، ألا وهي رأي الأحناف في النكاح بغير ولي، فنقول والعلم عند الله تعالى:
أولاً: إن هذا الرأي مرجوح، لا نرى العمل به، لمخالفته للأدلة الصحيحة التي تشترط الولي لصحة النكاح، فمنها:
حديث أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ أن رسول الله قال: ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ))[1]، وهو حديث صحيح صححه غير واحد من أهل العلم.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ, وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ. انتهى.
أَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ)) قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ[2].
ومنها حديث َابْنِ عَبَّاسٍ عن رسول الله : ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ. وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ))
ةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ, وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا))[4].
فهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة تدل على وجوب اشتراط الولي في النكاح المعتبر، وأن رأي الأحناف مع جلالة قدرهم غير صحيح في هذه المسألة.
ومن طريف ما يذكر أن أحد علماء الشافعية كان يقول لبعض علماء الحنفية: النكاح بغير ولي مسألة خلاف بين أبي حنيفة وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) وقال أبو حنيفة: بل نكاحها صحيح. [طبقات الحنفية (1/358)].
قال البخاري في صحيحه: بَاب مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ [النساء:19]، فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ وَقَالَ: وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ [البقرة:221]، وَقَالَ: وَأَنْكِحُواْ ٱلايَـٰمَىٰ مِنْكُمْ [النور:32]، ولاحظوا أيها الإخوة أن الله عز وجل أسند النكاح في هذه الآيات لغير المرأة، فدل على أن المرأة لا تزوج نفسها.
ثانياً: من الملاحظات على الآخذين برأي الحنفية هذا: أنه حتى لو لم يكن رأي الأحناف هذا ضعيفاً، فلماذا يختار الناس هذا الرأي، ويتركون رأي الجمهور الذي تسنده الأدلة، والذي يسنده الواقع، وهو أحوط وأسلم لدين المسلمين وأعراضهم، أم أنه مجرد الهوى والشهوة التي قال الله عز وجل فيها: أَرَءيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [الفرقان:43].
وقال تعالى: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ [القصص:50].
ثالثاً: قال الترمذي: وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِجَازَةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا))، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا احْتَجُّوا بِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ : ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ))، وَهَكَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ النَّبِيِّ فَقَالَ: ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ))، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ : ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)) عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُزَوِّجُهَا إِلَّا بِرِضَاهَا وَأَمْرِهَا، فَإِنْ زَوَّجَهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ.
[1] الترمذي، وابن ماجه، والإمام أحمد وأبو داود.
جَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي.
جَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَفِيهِ مَقَالٌ.
ةَ. وَقَالَ الْحَافِظُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كَذَا فِي النَّيْلِ، وأما زيادة, فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا فإن الألباني يضعفها
تحياتى
*منايا*