اثر العرب فى الهندسة

من كتاب" تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك"

أخذ اليونان الهندسة عن الأمم التى سبقتهم، وقد درسوها درسا علميا وأضافوا إليها إضافات هامة وكثيرة، جعلت الهندسة علما يونانيا. وأول من كتب منهم فيها " أقليدس " ، وقد عرف كتابه باسم " كتاب أقليدس " . وفي هذا الكتاب؛ قسم " أقليدس " الهندسة الى خمسة أقسام رئيسية ؛ ووضع قضاياه على أساس منطقي عجيب لم يسبق إليه ، جعل الكتاب المعتمد الوحيد الذي يرجع إليه كل من وضع تأليف في الهندسةز وما الهندسة التى تدرس في المدارس الثانوية في مختلف الأنحاء إلا هندسة " أقليدس " مع تحوير بسيط في الإشاراتوترتيب النظريات ونظام التمارين.
وحينما نهض العرب نهضتهم العلمية، أخذوا " كتاب أقليدس " ، وترجموه إلى لغتهم وتفهموه جيدا، وزادوا على نظرياته ؛ ووضعوا بعض أعمال عويصة وتفننوا في حلولها.
ويقول " ابن القفطى " عن كتاب أقليدس :-
" ... وسماه الاسلاميون " الأصول" ، وهو كتاب جليل القدر عظيم النفع أصل هذا النوع، لم يكن لليونان قبله كتاب جامع في هذا الشأن، ولا جاء بعده إلا من دار حوله وقال قوله، وما في القوم إلا من سلم إلى فضله وشهد بغزير نبله... ".
وقال ابن خلدون في مقدمته :-
".... والكتاب المترجم لليونانيين في هذه الصناعة – الهندسة – " كتاب أقليدس " يسمى كتاب " الأصول " أو " كتاب الأركان "، وهو أبسط ما وضع للمتعلمين، وأول ما ترجم من كتب اليونانيين في الملة أيام أى جعفر المنصور، ونسخه مختلفة باختلاف المترجمين، فمنها :-
" لحنين بن اسحاق " و " لثابت بن قرة " و " يوسف بن الحجاج ".
ويشتمل على خمس عشرة مقالة :-
أربع في السطوح، وواحدة في الأقدار المتناسبة ، وأخرى في نسب السطوح بعضها الى بعض، وثلاث في العدد ، والعسرة في المنطقات والقوى على المنطقات ومعناه والجذور، وخمس في المجسمات.
وقد اختصره الناس اختصارات كثيرة؛ كما فعل " ابن سينا ط في تعاليم ط الشفاء " وأفرد له جزءا اختص به ؛ وكذلك " ابن الصلت " في " كتاب الاقتصار " وغيرهم.
" وشرحه آخرون شروحا كثيرة، وهو مبدأ العلوم الهندسية بإطلاق.
وألف العرب كتبا على نسقه وأدخلوا فيها قضايا جديدة لم يعرفها القدماء؛ فقد وضع " ابن الهيثم " كتابا من هذا الطراز " يستحق أن يعتبر واسطة بين كتاب " القواعد المفروضة والبراهين الاستقرائية لأقليدس" وكتاب " المحال المستوية السطوح لأبولونيوس " وبين كتابي " سمسون simson " و " ستيوارت Stewart " ، فإنه بمثل تلك الكتب كمال الهندسة الابتدائية المعدة لتسهيل حل الدعاوى النظرية "
ويعترف ابن القفطى بفضل " ابن الهيثم " في الهندسة فيقول :
" إنه صاحب التصانيف والتآليف في علم الهندسة، كان عالما بهذا الشأن، متقنا له، متفننا فيه، قيما بغوامضه ومعانيه,مشاركا في علوم الأوائل ، أخذ عنه الناس واستفادوا " .
ومن علماء العرب من وضع مصنفات في الرياضيات – ولا سيما الهندسة – تدل على استقلال في التفكير، وعلى أنهم سلكوا طرقا لم يسلكها المتقدمون؛ فلقد وضع ابن الهيثم كتابه الجامع في أصول الحساب ويقول عنه بلفظه : -
" واستخرجت أصوله لجميع أنواع الحساب من أوضاع " أقليدس " في أصول الهندسة والعدد، وجعلت السلوك في استخراج المسائل الحسابية بجهتي التحليل الهندسي والتقدير العددى، وعدلت فيه أوضاع الجبريين وألفاظهم ".
وألف " محمد البغدادى " رسالة موضوعها.تقسيم أي مستقيم إلى أجزاء متناسبة، مع أعداد مفروضة برسم مستقيم، وهي اثنتان وعشرون قضية: سبع في المثلث ، وتسع في المربع ، وست في المخمس.
ولقد طبق العرب الهندسة على المنطق، وألف " ابن الهيثم " في ذلك : " ... كتابا جمعت فيه الأصول الهندسية والعددية من كتاب " أقليدس " و " أبو لونيوس " ، ونوعت فيها الأصول وقسمتها ، وبرهنت عليها ببراهين نظمتها من الأمور التعليمية والمنطقية؛ حتى انتظم ذلك مع انتقاص توالى أقليدس و " أبو لونيوس "، ومن هنا يتبين أنه قد رتب في هذا الكتاب النظريات وبرهن عليها ببراهين متتابعة ، في حين لا يوجد بين الأصلين اللذين أخذ عنهما تتابع أو اتصال" .
و " ابن الهيثم " من الذين اشتغلوا في البصريات وكان أنبغ علماء العرب والمسمين فيه، وقد ترك تراثا ضخما مليئا بالابتكار والموضوعات الجديدة، كانت أساسا لبحوث علماء القرون الوسطى، كما كانت أساس كتاب Peckham " " في " البصريات " ، وهذا الكتاب يعد من أجل الكتب التي أحدثت أثرا بعيدا في العلم المذكور.
وقد أتى " ابن الهيثم " على مسائل أدت إلى استعمال الهندسة، ومن هذه المسائل ما هو صعب ويحتاج حله إلى وقوف تام على الهندسة والجبر، وبراعة في استعمال نظرياتهما وقوانينهما.
وللعرب مؤلفات عديدة في المساحات والحجوم، وتحليل المسائل الهندسية، واستخراج المسائل الحسابية بجهتي التحليل الهندسي، والتقدير العددى، وفي التحليل والتركيب الهندسيين على جهة التمثيل للمتعلمين، وفي موضوعات أخرى: كتقسيم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية، ورسم المضلعات المنتظمة، وربطها بمعادلات جبرية ، وفي محيط الدائرة ، وغير ذلك مما يتعلق بالموضوعات التى تحتاج الى استعمال الهندسة.

ويتجلى من نتاج علماء العرب؛ أنه كان يسود بعض مصنفاتهم مسحة علمية، واتجاه لتطبيق النظريات الهندسية والحسابية والجبرية على الأغراض العملية من شؤون حياتهم ولوازم مجتمعهم، فقد وضع " ابن الهيثم " – مثلا –مقالة " في استخراج سمت القبلة "، ومقالة " فيما تدعو إليه حاجة الأمور الشرعية من الأمور الهندسية "، ومقالة " في استخراج ما بين البلدين في البعد بجهة الأمور الهندسية" . وكذلك وضع " ابن الهيثم " كتابا طابق فيه بين الأبنية والحفور بجميع الأشكال الهندسية، وقد قال في ذلك : "... مقالة فى إجارات الحفور والأبنية، طابقت فيها جميع الحفور والأبنية بجميع الأشكال الهندسية ، حتى بلغت فى ذلك إلى أشكال قطوع المخروط الثلاثة: المكافئ، والزائد ، والناقص ..".
وبين العرب كيفية إيجاد نسبة لمحيط الدائرة إلى قطرها، ويتبين من " كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمى " أن القيم التى وردت فيه للنسبة التقريبية هي :-
22/7 و ( 10)½ ، 62832
2000
ومن المسائل التى وردت في نظريات ابن الهيثم المسألة التالية :-
" كيف ترسم مستقيمين من نقطتين مفروضتين داخل دائرة معلومة إلى أى نقطة مفروضة على محيطها بحيث يصنعان مع المماس المرسوم من تلك النقطة زاويتين متساويتين.
وفي بعض مؤلفات البيرونى نظريات ودعاوى هندسية وطرق البرهنة عليها. وهى طرق جديدة فيها ابتكار وفيها عمق وهى تغاير الطرق التى سار عليها فلاسفة اليونان ورياضييهم.
وقد أطلعت على هذه النظريات والدعاوى في إحدى رسائل البيرونى وهى " رسالة استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحنى". كما اطلعت على تعليقات الأستاذ الدمرداش في مجلة رسالة العلم التى تصدرها جمعية خريجى كليات العلوم بالقاهرة.
وفى رسالة البيرونى المذكورة برهان جديد لمساحة المثلث بدلالة أضلاعه وهو غير البرهان الذى أتى به هيرون من رياضيي جامعة الإسكندرية ( عام 150 بعد الميلاد ).
ويعلق الأستاذ الدمرداش على برهان هيرون الأسكندرى وبرهان البيرونى فيقول : " ...و البرهان الذى ذكره البيرونى يدل على عمق في التفكير بينما برهان هيرون فيه بساطة وذكاء لماع .." ويرى أن البرهان البيرونى مبنى على نظرية هندسية للرياضى العربى أبو نصر الجعدى.
وإن أهل النجوم كانوا يستعملون القيمة الأخيرة وهى بالكسر العشرى 1416، 3 0 وورد في الكتاب الحاشية الآتية : وهي ما يعلق عليها الأستاذان مشرفة ومرسى أحمد – تستحق الذكر والاهتمام – "... وهو تقريب لا تحقيق، ولا يقف أحد على حقيقة ذلك، ولا يعلم دورها إلا الله، لأن الخط ليس بمستقيم فيوقف على حقيقته ، وإنما قيل ذلك تقريب كما قيل في جذر الأصم أنه تقريب لا تحقيق، لأن جذره لا يعلمه إلا الله. وأحسن ما فى هذه الأقوال أن تضرب القطر في ثلاثة وسبع ، لأنه أخف وأسرع والله أعلم".
ولم يقف العرب في النسبة التقريبية عند أهل النجوم، بل إوجدوها إلى درجة من التقريب كانت محل إعجاب العلماء ؛ فلقد حسبها " الكاشى " فكانت 3،1415926535898732 . ولم نستطع أن نتأكد من استعماله علامة الكسر العشرى ( الفاصلة )، ولكن لدى البحث تبين أنه وضعها على الشكل الآتى: -

صحيح
2 ط = 283185071795865 6
وذا الوضع يشير إلى أن العرب في زمن " الكاشى "، كانوا يعرفون شيئا عن الكسر العشرى، وأنهم بذلك سبقوا الأوروبيين في استعمال النظام العشرى.
وسخر العرب – ولا سيما " ابن الهيثم " – الهندسة بنوعيها : المستوية والمجسمة؛ في بحوث الضوء، وتعيين نقطة الإنعكاس في أحوال المرايا الكرية، والأسطوانية، والمخروية، المحدبة منها والمقعرة. وابتكروا لذلك الحلول العامة وبلغوا فيها الذروة. فلقد استغل " ابن الهيثم " الهندسة إلى أبعد الحدود في حلول كثير من القضايا المعقدة المتعلقة بالضوء ، وتناول دراسة ( تعيين نقطة الإنعكاس ) على أساس منطقى سليم. فعنى أولا بوضع بضع عمليات هندسية، هى في ذاتها على جانب من الصعوبة والتعقيد ،ذكرها وبين كيفية إجرائها ، ووضع لها البراهين المضبوطة ، وذلك كله على أساس هندسي صحيح ، ثم اتخذ هذه العمليات الهندسية مقدمات إلى الحلول التى أرادها لتعيين نقطة أو نقاط الإنعكاس. ولم يقف عند هذه الحدود ، بل ساق لتلك الحلول براهينها الهندسيةوعلى هذا فبحوثه – كما يقول الأستاذ مصطفى نظيف – يجب أن تراعى كوحدة واحدة تتكون من قسمين : أحدهما ؛ المقدمات الهندسية ، والثاني؛ الحلول العامة المبينة على تلك المقدمات...." .
ويتبين من هنا أنه ما كان " لابن الهيثم " أن يبتكر في علم الضوء ، ولا أن يوفق في شرح بعض طرقه وعملياته ونظرياته ، لولا استعانته بالهندسة وتطبيقها في مسائل الضوء ، مما جعل لبحوث " ابن الهيثم " قيمة عملية وعلمية كانت ولا تزال محل تقدير الباحثين والعلماء، في الشرق والغرب على السواء.

الموضوع جميل جدا وعايز اعرف رايكم

الموضوع انا استفد منه وعرفت معلومات جديده

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا