ثم طال انتظاري لليوم الذي سأخرج فيه للتدريس ، وما إن بدأ برنامج التدريس المصغَّر حتى ازداد الشوق وبدأ القلب بالخفقان استشعاراً لتلك اللحظات السعيدة لحظات التدريس . ولم أصدق نفسي وأنا أخرج إلى التربية العملية ، حتى لبستُ أحسن ملابسي وتعطرتُ بأفضل العطور لدي ، وكان ذلك اليوم يوم مشاهدة فقط ، ولكنه أتاح لي فرصة التعرف على المدرسة وهيئة تدريس الرياضيات وطبيعة الطلاب و ………
ثم أتى الأسبوع الذي يليه ، الأسبوع الذي في اليوم الذي سأشرح فيه للطلاب ، اليوم الذي سألتقي فيه بالطلاب ، أسألهم ويسألونني وأتبادل معهم أطراف الحوار .
وبدأت أستعد لذلك اليوم وأحضّر لتلك الحصص ، وفي الصباح الباكر ذهبتُ إلى المدرسة لم نجد سيارة أنا وزميلي فذهبنا مشياً مسافة 20 دقيقة ، وصلتُ منهكاً وبدأ العرق يتصبب من المشي ، كان الجو حاراً ( كنا في فصل الصيف ) فمن يراني يظن أنني من كثرة الخوف والارتباك أتصبب عرقاً ، ثم رأيتُ صفاً مكيفاً وبعض نوافذه مفتوحة فوفت بجانب تلك النوافذ أستبرد قليلاً حتى ينتهي الطابور . كانت حصتي الحصة الأولى ، أي بعد الطابور مباشرة ، بمعنى آخر ربع الحصة أو نصفها قد ذهب في الطابور .
دخلتُ الصف وقد ضاع من الحصة 10 دقائق تقريباً ، فسألت ُالطلاب إن كانوا حضّروا لهذا الدرس ، فتفاجأتُ بأن الطلبة لم يدرسوا بالأمس شيئاً . وللأسف الشديد لم يخبرني المدرس المتعاون بهذا ،حتى أحضر درس الأمس؛ فحضّرتُ الدرس الذي يليه ، وكان الدرس الذي يفترض أن أشرحه مرتبطاً قليلاً بالدرس الماضي ولكني لم أحضّر ذلك الدرس وإنما قرأتُ ما يرتبط بدرسي فقط . فيا ترى ما هو الحل ؟ هل أشرح لهم ذلك الدرس الذي لم أحضّره ، أم أشرح درسي الذي لم يدرس الطلاب الذي قبله . وفي تلك اللحظات المحيرّة يأتي الفرج وهو حضور الدكتور وفي نفسي أقول : أما وجدت يا دكتور غير هذا اليوم وهذه الحصة لتحضر في أول أيامي في التربية العملية وفي أول حصة لي ، فأنا لم أتعرف بعد على الطلبة ولم أعتد على التدريس ، تعال في يوم آخر وفي حصة أخرى ، فكيف ستقيمني وأنا في أول حصة ؟ وليس هذا فحسب بل في الحصة الأولى أي الحصة التي غالباً يضيع منها 10 دقائق أقل شيء .
يا ترى ما هذا الحظ التعيس ، يأتي الدكتور والدرس ليس هو الدرس الذي حضرته وينبغي أن أشرحه، والدرس المطلوب مني أن أشرحه الآن لم أحضره كاملا. ما هذه الحالة أهذا هو اليوم الذي انتظرته طوال حياتي وتمنيته طول عمري ……. يا ساتر يا رب .
ولكن الحمد لله ما كان بيدي سوى أن أخلط الحابل بالنابل ، فخلطتُ الدرسين وأخذتُ من الدرس الأول الموضوع الذي له علاقة بدرسي ثم أتبعته بدرسي الذي حضرته . وأثناء كتابة الطلبة ؛ أخبرتُ الدكتور بالسالفة ، فأجابني بكل برود : " مش مشكلة. مشي حالك " .
أسأل الله ألا يتكرر مثل هذا الموقف مرة أخرى .
أستاذ التربية العملية:
يوسف بن يعقوب بن ناصر الصباحي
جامعة السلطان قابوس
Mohamed Magd